بقلم/ خالد حمود الأملحي
(1,314 قراءة) الأحد 19 يوليو-تموز 2009 07:21 م
عزيزي القارئ: بعد أن كتبت للرئيس في رسالتي الأولى عبر صحيفة الوسط بعنوان هل تعلم.
وبعد أن ناشدت العلماء والأدباء والنقابات والمشايخ وضباط القوات المسلحة والأمن ولجان الوساطات في حرب صعدة. وبعد أن كتبت لأرواح الخمسة الكبار من شهداء ثورتي سبتمبر وأكتوبر لعل الأحياء يعتبرون ولكن بعد كل هذه الرسائل والمقالات رأيت أن أكتب إليكم أعزائي القراء ومن خلالكم لأبناء وطني البالغ عددهم خمسة وعشرين مليون تقريباً فأنا وأنتم المعنيون بكل ما يدور في اليمن الذي أصبح للأسف تعيسا بعد أن كان سعيداً .
نحن الذين نعيش المعاناة والفقر والمهانة والتخلف ، نحن الذين نقتل ونذبح ونضحي. نحن الذين نشاهد كل المآسي بدون أن نحرك ساكناً . نحن الذين نتعذب بهذه المشاهد المروعة .نحن أبناء المناطق الوسطى .نحن أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية . نحن أبناء صعدة وعمران وحجة والجوف . نحن أبناء اليمن بصفة عامة.
كل هذا يحصل ولا أحد يقول كفى وكأن الأمر لا يعنينا وكأن الآخرين يعيشون في الفردوس، نسكت على الباطل عندما يعذب به الآخرون وكانت عدالة السماء أن نذوق العذاب جميعاً جزاء لنا لتفرجنا على بعضنا البعض.
قتل أفضل حكامنا الحمدي وسالمين ومع ذلك سكتنا، لم تشكل لجان تحقيق في كيف قتلوه ولماذا وبتوجيهات من ،عرفنا القتلة ولم نتجرأ على أن نقول لهم أنتم قتلة بل صفقنا لهم وجعلناهم حكاما لنا فقتلوا بعدهم خيرة علمائنا وقتلوا بعدهم خيرة مفكرينا ومثقفينا. وقتلوا خيرة ضباطنا وقادتنا .
ثم وصلت الأمور إلى قتل آبائنا وأخوتنا بل وصلت بهم الوقاحة إلى قتل أطفالنا ونسائنا في حروبهم الجبانة والهمجية في حروب داخلية يسمونها بطولية وهي في الحقيقة حروب جبانة وتافهة إن دلت على شيء فإنما يدل على فرعنتهم ونحن شركاء في جعلهم فراعنة وظلمة ومجرمين.
عزيزي القارئ: قد يبدوا في لهجتي هذه نوع من الحدة ولكن عندما نعرف السبب سوف لاشك تعذرني السبب أن بعض الأصدقاء نصحني بأن أسافر إلى خولان بن عامر حيث الخضرة والمدرجات الجميلة ولكني فوجئت وصدمت عندما سافرت أما لماذا ؟ فلأنني رأيت وسمعت عن أبشع جرائم ضد الإنسانية و(إبادة جماعية) قصف جوي وبري عشوائي على مقاتلين ومدنيين ومنازل ومزارع وثروة حيوانية . قتل الأسرى، سحل الأسرى ، قتل الأسرى في داخل السجون على مرأى ومسمع السجان والسجين، قتل المدنيين شيوخاً ونساء وأطفالا . قنص البشر في ميدان ضرب ناري للتدريب على أهداف بشرية حية ـ مئات المفقودين أخذوا من ديارهم ومازالوا حتى الآن لا نعرف مصيرهم.
حقول ألغام ترفض وزارة الدفاع تسليم الخرائط رغم توقيع اتفاقية الهدنة لا زالت تقتل العشرات حتى الآن. نهب مزارع وبيوت وطرد ملاكها الأصليين أو قتلهم .
والأغرب من ذلك هو التعتيم الإعلامي الذي فاق كل وصف وكأن هناك ضوءا أخضر في ارتكاب هذه الجرائم.. نعم الإعلام الذي يبحث عن السبق الصحفي لا يتسابق هنا لماذا ؟ لا أدري . حتى الإعلام الخارجي؟ لا أدري. أين ذهبت الأقمار الصناعية، ولا أدري أين ذهبت ساعة قناة العربية التي تصور كل يوم منطقة أو جولة من جولات العواصم بدون إذن عبر القوقل ، كل هذه لا أثر لها في حرب صعدة .
بل الأغرب عزيزي القارئ أننا في عاصمة المحافظة لم ندر ما وقع في خولان بن عامر مع أنها لا تبعد حوالي خمسين كيلو مترا عن عاصمة المحافظة صعدة ونعلم ما يحصل في فنزويلا وهي تبعد آلاف الكيلوهات لما هذا التواطؤ .والأغرب أن القنوات جميعاً اتفقت علينا الدينية والعلمانية الغربية والتي كانت شرقية حتى الجزيرة التي كنا نظن أنها قناة الشعب العربي كله. والأغرب من ذلك أنك وأنت في خولان بن عامر يتكلم معك أي مواطن وكأنه يتكلم عن موضوع بسيط، وكأنه كان لابد أن يحصل من هذا الجيش البطل جداً على الشعب إلى درجة أن بعضهم يسمي تلك الحقبة بسنوات الاحتلال الوحشية .
حتى أن البعض الآخر يقول لم يحصل للفلسطينيين مثلما حصل لنا. مع أني أعرف ضباطا محترمين، ولكن اكتشفت أن هناك نقاوة خاصة نقاوة للألوية والجنرالات والضباط والجنود يشترط فيهم أن يكون لديهم نوازع إجرامية.
وعرفت لماذا إصدار قرارات العفو العام المتكررة . اكتشفت في خولان فقط أن الهدف منها العفو عن هؤلاء القتلة. لأن الشعب في صعدة لم يرتكب جرائم حرب.. المعتدى عليه دائماً يدافع، ولكن لماذا كل هذه القرارات خمسة حروب في خمس سنوات تخللها قرارات عفو لماذا؟! لماذا كل هذه الجرائم.. كل هذه حصلت من جيشنا البطل على الشعب نعم على الشعب فقط لأننا لم نجد أي بطولة ضد الأجنبي ضد من احتل حنيش وزقر، ضد من احتل نجران وأخواتها عسير وجيزان بل تم الخنوع لهم في اتفاقيات مهينة وتحكيم دولي على حنيش مذل.
لم يجنح للسلم أبداً مع الشعب ولا أدل على ذلك من اتفاقية وثيقة العهد والاتفاق الموقعة بعمان بالأردن 1994م والتي رميت عرض الحائط وشنت حرب ضروس تحت شعار الوحدة سالت دماء بالآلاف صحيح أن الوحدة تستحق ولكن الأصح أنها لم تكن لتصل الأمور إلى هذا الحد وكان بالإمكان احترام اتفاقية عمان دون أن نضطر إلى أن نتقاتل والدليل على عدم جدوى الحرب السابقة أننا نتقاتل اليوم التي هي امتداد لحرب الأمس واتفاقية الدوحة الخاصة بصعدة رمي بها عرض الحائط بعد إطلاق القائد المغوار جداً عبد العزيز الشهاري وأمثاله من الأسر الأول وشنت حرب في صعدة لم يشهد التاريخ اليمني مثيلاً لها؛ خمسة حروب في خمس سنوات تخللها أكثر من قرار عفو وأكثر من مناشدة وفتاوى ممن يسمون أنفسهم علماء تحتم القتل وتوجبه وتجعل منه فرض من فروض الصلاة تحت ما يسمى بمقاتلة الإمامة والمهدية وإعلان النبوة والملكية و...إلخ.
وبعدها ثبت كذب كل ما كان يردده الإعلام الرسمي بعد لقاء اللواء عبد العزيز الذهب مع السيد عبد الملك الحوثي عندما طلب الحوثي لنفسه الحياة بعزة وكرامة وحرية في ظل الجمهورية اليمنية والدستور والقانون اليمني. فلم نعد نعرف من هو المتمرد .. هل من يطالب بتطبيق القانون بموجب الدستور أو من يدعيه، وهنا لابد من كشف الحقائق .
فما رأيته في رحلتي إلى مران فيه الجواب الشافي . فبعد ثلاثة أشهر من اللجوء السياسي الداخلي نعم سيسجل التاريخ أنني أولاً لاجئ سياسي داخلي في بلادي. لم يلتفت لي أي من ولاة أمرنا الذين فقط عرفوا كيف يأمرون بحبسي كما أمروا من قبل بحبس المئات من أبناء محافظتي ورميهم في سجون أشبه بمعتقل جوانتناموا فلا محاكمة ولا حقوق سجناء ولا حتى علم بكثير من المفقودين والمساجين ، في الوقت الذي يقوم بما يسمى بالمتمردين بإعطاء الأسرى العسكريين تلفونات لكي يتواصلوا بأهلهم والذين فوجئوا بأن أبناءهم ما زالوا على قيد الحياة فهم ضباط وجنود ليسوا من الأسرة الحاكمة .
وبعد أن كنت أظن أن مظلوميتي عظيمة كون جريمتي أنني كنت منسق وساطة وهدفي نبيل وهو وقف الحرب في بلادي ، الحرب العبثية التي ليس لها أي مبرر ولكن فقط كنت وسيطا صادقا مع الله ومع بلدي ومع أبناء محافظتي بعد كل هذا رأيت أنني أسعد مظلوم مقارنة مع من ظلموا من محافظتي وبالتحديد في خولان بن عامر .
السبت 08 أغسطس 2009, 3:32 am من طرف Admin