<table id=table166 style="FLOAT: left" cellSpacing=0 cellPadding=0 width=220 border=0><tr><td vAlign=top></TD> <td></TD></TR> <tr bgColor=#66ccff><td bgColor=#ffffff> </TD> <td class=Title2 dir=rtl align=right bgColor=#ffffff></TD></TR></TABLE>
" بعد اليوم لا يجوز لأي كان القول بأن الرأفة لا وجود لها في إسرائيل، فالكثيرون بيننا ينظرون بعين الرأفة الى جهود الرئيس أوباما لرأب الصدوع التي تمزق هذا العالم المتنازع مع نفسه، ولتحويل الكون الى مكان يستحق العيش فيه.
من جانبنا نقول: "هذه سذاجة" لأن كل ولد عبري في سنواته الاولى يصبح بسرعة سياسيا لامعا، بينما يتراكض الرئيس الأميركي ويتلوّى كسياسي غر، وكمن لا يزال يتمسك بالايمان الغريب بأن التغيير ممكن في ميزان الرعب العالمي.
اننا نظر اليه بعين الرأفة حين ينحني أمام الملك السعودي، ويقتبس آيات من القرآن في مصر، وينظم مبادرة سلام عربية شاملة، ويدعو ممثلي الشر المطلق على وجه الارض، إيران وكوريا الشمالية الماضيتين قدما في التسلح النووي، داعيا اياهما الى الحوار...ونحن نرافقه الى النهاية المريرة التي لا مفر منها لحملته، أي الى الصحوة الاليمة.
على أرض الواقع يعتبر أوباما شخصية رؤيوية تحاول القيام بخطوة لم يقدم احد قبله على القيام بها: ليس مجرد "مصالحة" أو "مسالمة" بل تجانس عالمي حقيقي. ومن اجل إنجاز وترسيخ مثل هذا التجانس، ثمة أهمية قصوى لأن يجد كل جزء في "البازل" (لعبة تجميع قطع صغيرة لتشكيل صورة - المترجم) العالمي مكانا ودورا له، وان تشعر كل ديانة وقومية بأنها ليست مرغوبا بها فقط بل مطلوبة وذات شأن بالنسبة الى الثقافة الآخذة بالنمو.
يتوجب على الزعيم الراغب في بناء نظام عالمي جديد ان يتعمق في دراسة نفسية الاديان والاقوام التي يتملكها الاحساس بأنها مرفوضة وغير ذات شأن، تماما كالصبي الذي يقوم بأعمال شغب ويستخدم القوة في الصف، لا لشيء سوى لفت الانتباه اليه في نهاية المطاف.
ثمة فرصة وليس يقينا، أي فرصة في ان النشاطات الهدامة في اوساط الامة العربية مبعثها احساسها بالاستخفاف بذكائها ومزاياها وقيمها ورفضها من جانب ثقافة الغرب في القرن الحادي والعشرين.
لهذا السبب فإن انحناء أوباما امام الملك السعودي لم يكن عملا عبثيا، ولم يكن اقتباسه لآيات قرآنية لمجرد المصالحة والتقرب فقط. انه اول من ادرك ان العالم العربي سوف يتملكه احساس جيد بالوجود داخل النسيج الشامل للعالم، فقط اذا اعرب زعيم العالم الحر عن اهتمام حقيقي بقيمه وبعطاءاته للجنس البشري باسره.
ان التقسيمات المألوفة في الماضي الى ثقافات "متخلفة" واخرى "تقدمية" (على غرار التقسيمات التي كانت لدينا في الماضي كما "ابناء الطوائف الشرقية" و"الاشكنازيين") تدفعنا مرارا الى رفض وإهمال بذور حكمة لا يستقيم العالم بدونها.
يحتمل اننا نسينا في البداية الاعراب عن احترام حقيقي لتقاليد ومواريث معينة، وان نصر على رؤية ما هو خير فيها، وان نشيد ونؤكد حجم مساهمتها في الثقافة العالمية، فما يحصل من تشويش تاريخي ليس امرا سيئا بالضرورة، وبخاصة اذا استخدمناها من اجل صياغة مستقبل افضل.
لا اؤمن بأن الرئيس أوباما يفضل العالم العربي على إسرائيل، ولا بأن إسرائيل تحولت الى "الإبن العاق والمرفوض" لدى الادارة الأميركية، فأنا على قناعة بأن الرئيس الأميركي يختار العمل وفقا لنظريات أكثر عمقا في فهم العوامل النفسية بدلا من مواصلة التعاطي مع الامور السياسية كما هي على السطح، الأمر الذي لم يؤت أي ثمار على امتداد عشرات السنين.
انه يفضل الاحترام بدلا من اعلان الحرب على الارهاب العربي، لأن السلوك الارهابي غير مرشح للانتهاء عقب صراع عنيد ومرير معه: بعض الارهابيين سيقتل وسيحل محلهم آخرون أكثر احباطا وليس أقل سخطا.
لقد ان الآوان لعمل يتعاطى مع الجذور، كذاك الذي ربما ينجح في تجميع الثقافة العربية بكل اطيافها داخل الثقافة العالمية.
آن الآوان كي نتعلم "لغة" جيراننا، أي سلم قيمهم ونمط تفكيرهم واحاسيسهم، وليس فقط في اطار "اعرف عدوك"، بل في اطار "دراسة الجار والاثراء منه".
بالطبع، هذه مجرد محاولة، ففي نهاية المطاف، فإن جهود أوباما تستند أساسا إلى سؤال مستتر أعمق: هل ثمة شر مطلق كذاك الذي لا يمكن التحاور معه بأي شكل من الأشكال، أم أنه يمكمن إيجاد جسر مع الجميع والوقوف على العيوب النفسية في ثقافتهم وإيجاد مكان لها؟ وإذا كان الرد أن ثمة ثقافات غايتها فقط التسبب في الأضرار والدمار، فإن صحوة أوباما من رؤياه قد تكون الصحوة الأخيرة لكل الحالمين والمؤمنين والآملين.
لكن محاولة متعمقة كهذه ستثبت ذلك في هذا الاتجاه أو ذاك. وعلى كل حال نشكر الرب لأن أحدا يحاول كي نستطيع أن نعرف بيقين أننا لم نفوّت أي أمر هام على الطريق.
|
بقلم: شاي طوبلي - "معاريف"- الاثنين 22/6/2009
(ترجمة : قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة "العالم")